قواعد الكتابة لأدب الأطفال

ثلاث قواعد ذهبية للكتابة للطفل

ديسمبر 27, 2020


ثمة تشابه ما بين الكتابة للطفل والكتابة الكوميدية. يعتقد الكثيرون بأنها سهلة، بينما هي في الواقع أصعب مما تبدو بكثير. ربما يعود ذلك لقلة عدد كلماتها، ولغتها المبسطة، وللاعتقاد السائد بأنه من السهل تسلية الأطفال، بغض النظر عن مدى السطحية المتبعة أحياناً. هزهز بعض الألعاب الملونة أمامهم وأصدر بعض الأصوات المضحكة، وسوف تسعدهم، صحيح؟ إن هذا اعتقاد خاطئ شائع، فبالرغم أن إمتاع الرضع أمر سهل إلى حد ما، إلا أنهم كلما كبروا في العمر صاروا نقاداً أكثر تمييزاً. وبكل بساطة: إن لم يعجبهم كتابك، فلن يقرؤوه. ولن يسعوا إلى وضع السكر على آرائهم.
ولكي تتفادى تحول كتابك إلى طوب مستخدم في بناء قصر من الخيال أثناء أوقات اللعب، إليك ثلاث قواعد ذهبية عليك أن تعيها لتحافظ على أذهان الأطفال مبحرة في قصتك

-1-
ادرس ديموغرافية الفئة التي تتوجه إليها
“تعرف على جمهورك” نصيحة جيدة لكل الكتّاب، ولكن في حال الكتابة للطفل، فإنها نصيحة هامة جداً. وأهم ما تتضمنه هو تحديد الفئة العمرية التي تتوجه إليها. هذا لن يعينك فقط على تحديد درجة تعقيد وسياق النص الذي تتبعه (أو تتفاداه) وإنما تعد من الأولويات التي يسأل عنها الناشرون عند الشروع بدراسة نصك. وبغض النظر عن أغراض تسويق الكتاب، فإن الناشرين يحددون نوع الكتاب بناءً على الفئة العمرية المستهدفة:

  • عمر 0-3 الكتب الكرتونية
  • عمر 3-8 الكتب المصورة، كتب تلوين وأنشطة
  • عمر 3 وما فوق الكتب الحديثة الطريفة (اعتماداً على محتواها)
  • عمر 5-9 مرحلة القراءة المبكرة المتدرجة
  • عمر 6-10 الكتب ذات الفصول
  • عمر 8-12 كتب المرحلة المتوسطة

 
ثمة مساحة من الحرية لتوسيع الفئة العمرية المستهدفة مدتها سنة إمّا أكبر أو أصغر، وهذا ينطبق على كل التقسيمات المذكورة، ولكن عدا ذلك، تبقى هذه التقسيمات ثابتة. يكمن السبب الرئيس لهذا في مراعاة تفاوت القدرات القرائية لمختلف المراحل العمرية، وإدراكك لهذه الخصائص سيعينك في كتابتك.
على سبيل المثال، لا يميز الأطفال السجع وتنغيم الكلمات حتى يبلغوا سن 3-4. وهذا لا يعني بأنك لا تستطيع أن تكتب بلغة مسجوعة للأطفال الأصغر من 3 سنوات، ولكنه لن يؤثر كثيراً عند الكتابة لهذه الفئة. لا تنس بأن هنالك فئة مستهدفة أخرى بالنسبة لك وهي الوالدين وأولياء الأمور، وهم من يقومون بعملية الاختيار والتمويل لكتابك. وتعد مسألة تلبية احتياجات النمو لدى أطفالهم أمراً أساسياً ونقطة ممتازة لتسويق كتابك ولكسب ثقتهم في كتبك بشكل عام.
إن التعرف على الصفات الديموغرافية للشريحة التي تتوجه إليها يعني: أن عليك أن تتعرف عليهم. اعمل جهدك على فهم طبيعة الفئة العمرية التي تتوجه إليها

  • كيف يتحدث الأطفال مع بعضهم في هذا العمر؟
  • كيف ينظرون للكبار؟
  • ما هي المفاهيم الثقافية التي يستوعبونها؟
  • ماذا يضحكهم؟
  • ماذا يخيفهم؟
  • ما مقدار التكنولوجيا التي يسمح لهم باستخدامها؟
  • ما هو مستواهم التعليمي؟
  • كيف ينظرون إلى العالم؟

ستعينك الإجابة عن هذه الأسئلة في تطوير شخصيات ومواقف يتجاوب معها الأطفال

-2- 
لا تتساهل مع قرائك
إن كانت هذه هي المرة الأولى التي تكتب فيها للأطفال، فقد يتبادر إليك أنك “تخفض من مستوى كتابتك” لكي تصل إلى مستوى استيعاب الطفل. وقد كانت هذه النقطة إحدى الإشكالات بالنسبة لي حينما تحولت إلى الكتابة للطفل بعدما كنت أكتب للكبار. ولكن بعد فترة، وجدت حقيقة أنها ساعدتني في تنقية كتابتي من الزوائد. وصرت أشعر بأنه نوع من التقنين والتبسيط أكثر من كونه تخفيضاً من مستوى الكتابة. والتوزان الصعب الذي تسعى لتحقيقه هنا يعتمد على جعل كتابتك واضحة ومفهومة دون أن تفقد ذوقك الأدبي الخاص. وبالتأكيد عليك ألا تستهين بذكاء وإبداع الأطفال فتقوم بإخفاض مستوى كلامك معهم. فإنهم ينجذبون للقصص المقنعة والشخصيات اللافتة، ولكنهم دائماً ما يفضلون الكتابة التي تشعل وميض خيالهم. خصوصا أن الأطفال أفضل بكثير من الكبار في الخيال.
 وبالرغم من أهمية تناسب الكتابة مع مستوى الطفل، إلا أنه من الضروري أن تتضمن شيئاً من التحدي. حتى وإن كنت لا تكتب كتاباً تعليمياً، فإن كل الكتب التي يقرؤها الأطفال، تعد بشكل أو بآخر كتباً تعليمة، إذ أنها تؤثر بشكل ما على تطور تفكيرهم. تعرف على مستوى لغتهم ومفرداتهم ومن ثم أدخل عليها بعض المفردات والمفاهيم الأعلى منها لتجعلهم يفكرون بشكل أعمق بقليل. وإن كنت محترفاً في هذا، فبإمكانك أن تكتب نصاً مبنياً من طبقات يمكن أن يفهم بطريقة مختلفة بناءً على عمر القارئ، وبهذا تكسب جاذبية امتدادها عبر الأجيال مثلما هي الحال في القصص الكلاسيكية. ما زلت أعيد قراءة قصة فيليب بولمان “مواده المظلمة” بشكل أكثر بكثير مما كنت طفلة، وفي كل مرة أقرؤها أكتشف أموراً جديدة لم ألاحظها من قبل

-3-
أبقِ قارئك منتبهاً
أحد الأمور المتعارف على صحتها لدى الجميع أن معدل تركيز الأطفال قصير. ولكنه لا يبلغ دائماً حد القصر الذي تعتقده. فبإمكان الأطفال بعمر 5-6 سنوات التركيز إلى ما يصل لـ 10-15 دقيقة عند الاندماج في نشاط يسترعي اهتمامهم، بينما بإمكان الأطفال بعمر 6-7 سنوات أن يركزوا على كتاب أحبوه لمدة يمكن أن تبلغ نصف ساعة. لاحظ أن هذا يحصل في حال اندماجهم فقط
تتشابه خطوات إشعال حماس قرائك الصغار مع تلك المتبعة في كتب الكبار، ولكن بالأخذ بعين الاعتبار مدى قصر الوقت الذي سيكون الطفل مستعداً لمنحه لكتابك، فأنت بحاجة حقاً أن تظفر بهذا في وقت باكر جداً.

  • قلل تفكيرك بالنوع الأدبي وفكر بالأصالة أولاً: ما الذي أقصده هنا؟ حسناً قصة “اليرقة الجائعة جداً” لم تصبح إحدى الكلاسيكيات بسبب أن الأطفال لديهم نزعة نحو الحشرات. وقصة “نحن ذاهبون في رحلة لصيد الدببة” لا تخاطب غريزة الصيد بداخلهم. وهذا ينطبق على قصة “حيث الأشياء المتوحشة”. في الحقيقة لا يستكشف الأطفال الأنواع الأدبية حتى يبلغوا التاسعة من العمر. ركز على جعل قصتك أصيلة ومبتكرة أكثر من التركيز على ما هو شائع حالياً أو محاكاة القصص التي حققت نجاحاً في السابق.
  • يجب على الأطفال أن يكونوا مركز القصة: يحب الأطفال القراءة عن المخلوقات الغريبة والعوالم العجيبة، ويحبون أيضاً القراءة عن أنفسهم. الشخصيات التي تمتلك السلطة حولهم- والديهم، مدرسيهم، والأشخاص البالغين الذين يتعاملون معهم- لها أن تبقى في خلفية القصة قدر الإمكان. وعلى الأطفال الأبطال التحكم بمجرى الأحداث قدر الإمكان.
  • حافظ على وتيرة مرتفعة للأحداث: تذكر معدل التركيز القصير لدى الأطفال. حافظ على سرعة سير الأحداث لتحافظ على اندماجهم.
  • ابتكر: إن كنت تكتب قصصاً خيالية لا تتعثر بالبحث حول التنانين لتتأكد من أن الأعداد التي تذكرها في تعويذات السحر في كتابك تتطابق مع الأرقام اللاتينية. ابتكر أساطيرك وأحداثك التاريخية الخاصة فهذا أكثر متعة وإبداعاً. وكلما أفضت بالخيال كان ذلك أفضل.
  • لا تقم به إن لم تجد قلبك فيه: فكما ذكرت في البداية، لا ترتكب خطأ الدخول إلى عالم أدب الطفل ظنا منك أنه خيار “سهل”. فإن التمييز ما بين الكتابة النابعة عن شغف وتلك التي تنتج عن نصف قلب أمر واضح. عليك أن تستمتع بأقصى ما يمكن أثناء الكتابة للأطفال كما تود أن يستمتع الأطفال وهم يقرؤون كتبك.

أدب أطفال رائع
إن الكتابة في أدب الأطفال طريقة أروع مما تتخيل فهي تستهدف شريحة القراء الأكثر وفاء وحماسة. اعطهم انتباهك، إبداعك، ووقتك (على شكل دراسة وبحث) وستجازى أكثر بكثير بالمقابل.

مقالة لـ هانّا كولينز
من موقع: standoutbooks.com
ترجمة: باسمة المصباحي

0 تعليق

مقالات أخرى

الفن وعين العقل

الفن وعين العقل

دراسة شغف "البحث عن غاية الجمال والدخول إلى أدق تفاصيل الجاذبية"   كيف يمكّنك الرسم من النظر إلى العالم بشكل أوضح والعيش بحضور أعمق     "إذا نظرنا بعين الحب فقط، سنتمكن من رؤية ما يراه الرسام " هذا ما كتبه هنري ميلر في تحفته المنسية "أن ترسم يعني أن تحب...

ما تنشره في وسائل التواصل الاجتماعي قبل كتابة كتابك

ما تنشره في وسائل التواصل الاجتماعي قبل كتابة كتابك

حين يتعلق الأمر بزيادة جمهور وسائل التواصل الاجتماعي، يمر كل مؤلف بمرحلة أُطلق عليها "المنطقة الرمادية". مرحلة ما بين بداية تأليف الكتاب ونشره والتي يتخوّف منها كثير من المؤلفين. المنطقة الرمادية هي المرحلة التي تحتاج فيها لزيادة جمهورك ولكنك لا تعرف كيف تتحدث عن...

كيف تتعامل مع رفض عملك الإبداعي؟

كيف تتعامل مع رفض عملك الإبداعي؟

إن كنت تعمل بإبداع - أي بابتكار الجديد وتطبيقه - فقد اخترت بشكل من الأشكال أن تكون مستقلًا: برأيك، بأسلوبك، وبطريقة عملك؛ ولذا توقع ألّا يكون ذوقك وعملك متناسبًا مع كافة الأذواق، ولا بد أن تتعرض للرفض إمّا من عميل أو وكيل خدمة أو غيرهم. ولكن هل يعني الرفض عدم جواز...

Pin It on Pinterest

Share This